قالت لي الحسناء في ليل ماطر، النجوم فيه لا تبين خلف السحب: أما زلت تحبني وتحلم بالمستحيل؟
تعالى أحبك اليوم قليلا، قبل الرحيل، لا شيء تبدل غير بعض خطوط السير، ولوحات الإعلانات المستفزة المفرغة لجيوب البسطاء، وبعض الصبغات في وجوه البنات، الزمان لم يعد هو الزمان، شيء تكسر بيننا بعد انشطار الحب والأمان، تعالي فقد مضى من العمر الكثير، ولم يبقى غير القليل.
لا أدري من أيقظني، رنين الهاتف، أم صياح الديكة، وأصوات الباعة الجائلين، آخر ما أتذكره قبل الصحو، أنني كنت أرسي قاربي على على شاطيء عينيها البنيتين المسكرتين، رقيقة رقة عصفور، لذا خشيت إدخالها في طاحونة قلقي، وباعدت بينها وبين همومي.
يتولد للحلم نيران لا أريد لها أن تنطفيء، الحزن المكثف، يلقي ظلاله على القلب والروح والمشاعر، لا يمكن للمرء تجاوزه أو الهرب منه.
تحدثني نفسى أنني التقيت بها وعشت معها منذ سنوات عدة، واتصلت بروحها في دنيا غير هذه الدنيا، عالم الناس فيه لا تعرف البغض والكره، يعيشون الحب ولا شيء غيره، تتراقص فيه الشموس والأقمار والأطيار والأشجار والأزهار، تلاقينا وتعارفنا، في كوكب غير هذا الكوكب الذى تشيع فيه، الفوضى والحروب والدمار، وقتل العزل والأطفال في فلسطين، والناس في بلاد العم سام، موتى الضمائر، مكممي الأفواه، معصوبي البصر، معذرة لأنني أفتح بابا للبهجة،
فقد زلزلني الوجد، ورائحة الورد المنبعثة من ثوب الحسناء في زرقة البحر، ومساحات البهجة والود، والرغبة في مشاركتي العيش، وإضاءة مصباح البيت.
